bouamama | التاريخ: الجمعة, 2012/08/03, 4.05 AM | رسالة # 1 |
عضو متميز
مجموعة: المدراء
رسائل: 134
حالة: Offline
| مفهوم العبادة في الإسلام مفهوم واسع شامل ، ذكرها الله سبحانه وتعالى في معرض بيان وظيفة الإنسان في هذه الحياة ، فحصر فيها حياته ، وجعلها الغاية من خلقه ، فقال سبحانه : سورة الذاريات الآية 56 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . ولهذا كانت حياة المسلم كلها - كما أرادها الله - عبادة خالصة له سبحانه في جميع جوانبها الخاصة والعامة ، والاعتقادية والعملية . . . فالمسلم عبد الله في كل تحرك وسكون سورة الأنعام الآية 162 قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
ومن هنا عرف الإمام ابن تيمية - رحمه الله - العبادة بأنها :
" اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ، كالصلاة والزكاة ، والصيام والحج ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، والوفاء بالعهود ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد للكفار والمنافقين ، والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم ، والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة .
وكذلك حب الله ورسوله ، وخشية الله والإنابة إليه ، وإخلاص الدين له ، والصبر لحكمه ، والشكر لنعمه ، والرضى بقضائه والتوكل عليه ، والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك من العبادة لله .
وذلك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة له ، والمرضية له التي خلق الخلق لها كما قال تعالى : سورة الذاريات الآية 56 وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ انظر كتاب العبودية ص 38 - 39 . .
وفي تأكيد هذا الشمول لمعنى العبادة يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله : " ليس في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبق عليه معنى العبادة ، أو لا يطلب فيه تحقيق هذا الوصف ، والمنهج الإسلامي كله غايته تحقيق معنى العبادة أولا وأخيرا . . . " انظر كتاب فقه الدعوة ص 66 . .
وإذا ما عرف العلماء العبادة بالخضوع الشامل ، والطاعة الكاملة ، فلا بد لنا من أن نلاحظ في تعريف العبادة بالنسبة للإنسان قيدا خاصا يميز خضوعه عن خضوع غيره من المخلوقات ، فالكون كله بأملاكه وأفلاكه ، وجماداته وحيواناته خاضع لله عز وجل لا يخرج عن طاعته قيد شعرة ، سورة فصلت الآية 11 ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ .
ولهذا كان لا بد لنا من قيد مميز لعبادة الإنسان عن عبادة غيره من المخلوقات ، قيد ينسجم مع ما وهبه الله إياه من نعمة العقل ، ألا وهو قيد " الإرادة " .
فعبادة الإنسان لله هي : خضوعه الإرادي الشامل وطاعته الإرادية المطلقة له سبحانه ، أما الخضوع القسري فلا مزية فيه لمخلوق على مخلوق . . .
|
|
| |