إذا غابت لغة الحوار ضاع الإيمان من دنيا
الناس و ذب الاختلاف و ظهر الاختلاف
المحاور:
. افتتاحية حول الحوار
مركزية الوار في
حياة المسلم.
. أساليب تنمية الحوار
في حياة الشباب. المراجع المعتمدة:
. التربية بالحوار لعبد الرحمان النحلاوي.
أسلوب الحوار في القرآن الكريم.
للأستاذ ادريس أوهنا.
مع الانترنيت
. مقتطفات من كتاب : الحوار آدابه و أهدافه
لفضيلة الشيخ منصور الرفاعي عبيد.
بسم الله الرحمان الرحيم.
. افتتاحية حول الحوار في الاسلام الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، و الصلاة
و السلام على شفيع الورى، وخير
الأنام سيدنا و حبيبنا محمد و على آله و صحبه و من استن بسنته إلى يومالدين. و بعد:
ليس من قبيل الصدفة أن يغطي الحوار مساحات
كبيرة منكتاب
الله تعالى، و هذه من خصائصه الاعجازية، لأنه نزل في مرحلة من مراحلالتاريخ البشري حيث التعصبات
الفاحشة، والتطاحنات القبلية، و الحمياتالجاهلية التي لا تعرف شيئا أسمه الحوار مع
الآخر،
و حماية حقه في التعبير عن رأي خصوصا إذا
كان هذا الآخر مخالفا غير مألوف.
و ليس من باب الصدفة أيضا أن يكون الحوار
هو المستند الأسمى للرسول صلىالله
عليه و سلام ، و ملاذه الأولى في دعوته و تبليغ رسالته، قال اللهتعالى: بسم الله الرحمان
الرحيم : و أنذر عشيرتك الأقربين و اخفض جناحك لمناتبعك من الممومنين، فإن عصوك فقل إني بريء
مما تعملون سورة الشعراء الاية
يقول الامام الغزالاي أبو حامد رحمه الله: و
قد أدى الخوض فيالكلام
و فتح باب المناظرة فيه بعد عهد الخلافة الراشدة إلى التعصباتالفاحشة، و الخصومات الفاشية
المفضية إلى إهراق الدماء و تخريب البلاد وليس غريبا اليوم في ظل التوترات في
العلاقات الانسانية و تصدعها حتى بات منينظر لحتمية صراع الحضارات عوض تعايشها و
من يكرس بشكل أو بآخر الفوارقالفئوية
بين شمال غني متقدم، و جنوب فقير متخلف. لذلك ليس من العجيب أنيكون الحوار من أبرز القضايا
التي تفرض نفسها على الساحة العالمية والاقليمية و القطرية و الاسرية و الفردية .و
قد كان الإسلام و ما يزال دينالحوار
بامتياز..دينا لم يزده الاعتراف بالأخر و الدفاع عن حقه في الوجود والتعبير عن رأيه – حتى و أن
كان مخالفا – إلا شموخا و رسوخا. يقول المفكررشدي فكار: لم ينهزم الاسلام المتحدي
المحاور بمبادئه الرصينة الخالدة، وعقول رجاله، بل عبلا التاريخ قادرا معجزا
منتصرا رغم كل الطعنات المقنعة ومواكب
الكيد، و دس الدخلاء
.مركزية الحوار في حياة المسلم. إن الحوار في الاسلام نجاوب و تفاهم مع
النفس، قبل أن يكون تجاوبا وتواصلا
مع الأخر، يقول الله سبحانه: و يتفكرون في خلق السماوات و الارضربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك
فقنا عذاب النار آل عمران 191.
كمايتوجب على الفرد أن يدخل في حوار مع نفسه ،
يتوجب عليه أيضا أن يدخل فيحوار
مع غيره من اجل التلاقح والتواصل، و الاقناع و الاقتناع، و تبليغ الحقوتمحيصه، و لا بد لهذا الحوار
من الخضوع لآداب و ضوابط إذا أردنا أن يكونحوارا بانيا و مثمرا في الواقع . قال الله
تعالى: و جادلهم بالتي هي أحسنإن
ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله و هو أعلم بالمهتدين
فالمسلم لايستطيع الاستغناء عن الحوار إذ هو سلاح
يواجه به حملات التشويه المغرضة،حيث
يتخذه جسرا للتفاهم والتعايش في عالم أكثر أمنا و سلاما للجميع. و حتىينجح هذا الحوار لابد له من
ركائز يستند إليها، حتى لا يفضي إلى مشاكلجديدة. فاللحظة الأولى للتكوين البشري قد
اثر فيها الحوار أثرا واضحا فيتدعيم
الحياة بين بني البشر، فالله سبحانه و تعالى يكرس هذه القيمةالجمالية التي يمكن أن يكون
لها الأثر في حياة الفرد بعينه، بل يمكن أنيتعدى ذلك. لذلك أصبح الحوار بين الناس و
سيلة للتفاهم.
و إنمايطاول الحيز أمر التسامح من مركزية الحوار
في حياة المسلم على الجانبالايماني
و العقيدة. فالحوار بناه القرآن الكريم أولا في الحضارة الإسلاميةباعتباره مبدأ و أساس البناء
العقلي و النفسي في حياة المسلم، حيث لم يعدبالاستطاعة الاستغناء عنه في أي جانب من
جوانب الفكر والتصور و السلوك،فالناس
جميعا خلقوا من نفس واحدة ، ومن تم فكل البشر سواسية. لا استعلاءلأحد منهم على أحد بسبب الدين
أو الجنس أو اللون أو العنصر ما دام الهدف هوالتعايش في ظل الأمن المتساوي للجميع.
فالحوار متمركز في حياتنا باعتباره جسرا و
منهجا في جو من الحرية و الشورى.و الإنسان يأتي و يذهب و لسان حاله يقول:
إذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم
مأتما و عويلا
. أساليب تنمية الحوار في حياة
الشباب. يقول شاعر:
إن الكلام لفي الفؤاد و إنما جعل اللسان
علي الفؤاد دليلا.
من خلال هذا البيت لشعري نلاحظ أن مخبأ
الأسرار و الكلام هو القلب و قدجعل
اللسان للتعبير عما يجول في خاطر كل إنسان، و يكون الهدف من كل ذلك هوالحوار و إنشاء تواصل، و تأسيس
حوار بين الفرد و غيره. و كما لا يخفى عليناأن الشباب هم عمود المستقبل، و رجال الغد
توجب عليهم المعرفة المسبقةللحياة،
و أ أساليب إدارتها و مواجهتها على النحو الأمثل، و تبادل المنافع والمصالح، و السبيل الوحيد
لتحقيق ذلك هو اتخاذ الحوار وسيلة للتفاهموالتواصل بصفة عامة .قال الله تعالى : …و جعلناكم
شعوبا و قبائل لتعارفوا … و
بصفة خاصة بينه و بين نفسه و أخلائه . فالحوار لا يكون حوارا إلا إذاكان هدفه الحفاظ على الإنسان
من حيث أنه إنسان له مقومات مصانة ادريسأوهنا. فالثورة الهائلة من وسائل الإعلام
والإتصال ، قد أنست و محت أساليبالحوار
في حياة المسلم ، و خصوصا الشباب الذي لم يكن له زاد كاف من قواعدالحوار لانفتاحهم بشكل مبالغ
في على التكنولوجيا المعاصرة، الشيء الذيجعلهم لا يجيدون هذا الاسلوب الرباني
العظيم و لا يتقنونه. لذلك يتوجب عرفةو اكتشاف بعض الأساليب الهادفة إلى تنمية
الحوار لديهم ، ومن هذهالأساليب:
تدريب الطفل أو المراهق أو الشاب بصفة عامة
على الأسلوبالحواري
الراقي عبر مراحل عدة من حياته، لأن هذه المراحل هي التي تصقلموهبة الحوار لديه شيئا فشيئا
من خلال:
1- الأسرة بصفتها المدرسةالأولى التي يتعلم الطفل فيها
الكلام ، وباعتبارها أول فضاء يتربى فيها علىقيم الحوار، ومن تم تصنع و تبنى شخصيته
المستقبلية. وعلى الأب و الأم أنيهيئا
الجو الاجتماعي المناسب لتنمية أسلوب الحوار و التعامل معه بحب وحنان.
2- الإعلام باعتباره الوسيلة التي يحبها و
ينجذب إليهاالشباب
و تأخذ الكثير من وقته، و الذي ينبغي أن يبين دور الحوار و أثره فيكيان الفرد و المجتمع، من خلال
الأفلام و المسلسلات و البرامج الهادفة.
3- ثم يأتي دور التعليم و المدرسة بشكل عام ،و
التي تؤصل منهج الحوار فينفوس
الاجيال، انطلاقا من التواصل بين المدرسين و الطلاب، و بين الطلاب والبيئة المدرسية، ومن تم بينهم
و بين العالم الخارجي.
4- التشجيععلى الذهاب للمسجد في صفوف الشباب،
باعتباره بيت الله تعالى. و المؤكد علىدعوة الاسلام للحوار المتحضر مع الأخر،حوار
ليس فيه جدال عقيم و لا تصنع أوتصلب
ولا أي شيء يبعده عن أهدافه السامية، بل يرتقي و جدان المسلم الشابللتعاضد و التعاون في مختلف
المجالات من أجل الرقي و التقدم.
5- اتخاذ منهج القرآن و السنة النبوية المطهرة
الأسلوب الأمثل للحوا مع الأخر. قال
تعالى: و من الناس من يجادل في الله بغير علم و لا هدى و لا كتابمنير.
6- اتخاذ الثقافة مجرى عاما لترسيخ مبدأ لحوار
و أهدافه وأساليبه،
باعتبارها السبيل للإرتقاء بالفكر و العمل و الممارسة بين صفوفالشباب.
7- التعليم و المطالعة و تحبيبها إلى الشباب و
جعل الكتابالأنيس
و الرفيق بدل أشياء أخرى، لأن الكتاب و سيلة لنقل المعارف بينالأجيال و الشعوب و الامم ، و
لا بد أن يلعب دورا مهما في تنمية مفاهيمالحوار في نفوس الشباب.
8- اعتبار الحوار من أولى الأولويات التي يلزم
تعليمها للطفل منذ نعومة أظافره و الحرص على توعية الابوين بذلك.
و يبقى الهدف هو الإسهام في تنشئة أجيال
جديدة تنطق، تنطلق من الإختلاف وتسلم
به واقعا، وتؤمن بالوحدة و التعايش غاية، وتتخذ الحوار و التواصل جسراو منهجا، في جو من الحرية و
الشورى، و على أساس من العلم و الأخلاق. قالتعالى و أمرهم شورى بينهم) صدق الله العظيم