الرئيسية » مقالات » مقالات صحية

جميعا ضد المخدرات

حذرت منظمات وفعاليات مدنية من مخاطر تفشي ظاهرة ترويج المخدرات في محيط المدارس والمؤسسات التعليمية في الكثير من المدن بالمغرب، بالرغم من المجهودات التي تبذلها دوريات الأمن التي تتعقب تجار ومستهلكي المخدرات بالقرب من هذه المدارس.

ويعتبر مراقبون أن بائعي المخدرات وجدوا في تلاميذ المدارس، خاصة من هم في سن المراهقة، سوقا خصبة لترويج بضائعهم والرفع من زبائنهم، مطالبين بالحد من هذه الظاهرة الخطيرة عبر استراتيجية تربوية وحملات للتوعية، فضلا عن الحلول الأمنية الصرفة.

وجدير بالذكر أن المركز الوطني للوقاية والبحث في الإدمان سبق له أن كشف عن كون 26% من الشباب المغاربة يتعاطون المخدرات بشكل منتظم، وأن نسبة التعاطي في المراحل التعليمية الدنيا والمتوسطة تبلغ 10%، وتتزايد هذه النسبة بين طلبة الجامعات.

لا للمخدرات

ودقت منظمات مدنية ناقوس الخطر بسبب ظاهرة اكتساح ترويج المخدرات بمختلف أصنافها في محيط المدارس بالمغرب، حتى الأنواع القوية منها مثل الكوكايين والشيرا وحبات الهلوسة "القرقوبي"، يتم ترويجها بشكل كثيف بالقرب من العديد من المؤسسات التعليمية، من خلال استغلال تجمعات التلاميذ من الجنسين معا أمام أبوابها، ونسج علاقات صداقة تتيح استهلاك وبيع هذه المخدرات بصفة تدريجية ومدروسة.

وشدد محمد فليوتي، المسؤول عن جمعية "لا للمخدرات"، التي تنشط في مجال توعية التلاميذ بمخاطر المخدرات، على أن ظاهرة ترويج المخدرات في المدارس وبالقرب منها، أضحت تكتسي خطرا داهما على النشء الجديد من الطلبة والتلاميذ، الذين يقبلون على هذه المخدرات دون إدراك حقيقي بعواقب أفعالهم.

وعزا الناشط المدني، في تصريحات لـ"العربية.نت" تفشي هذه الظاهرة بالمدارس المغربية إلى تضافر عدة عوامل اجتماعية ونفسية، من ضمنها استغلال بعض المروجين لاجتماعات التلاميذ قرب هذه المؤسسات التعليمية، واختراقها شيئا فشيئا عبر ربط علاقات صداقة وزمالة، دون أن تثير هذه التجمعات ريبة رجال الأمن، أو شكوك المسؤولين عن المدارس.

وأفاد المتحدث بأن جمعيته، وباقي منظمات المجتمع المدني التي تعمل في هذا المجال، تقوم بجولات عديدة طيلة السنة الدراسية في محيط الكثير من المؤسسات التعليمية من أجل التقرب إلى الطلبة والتلاميذ، والإنصات إليهم والتحاور مع من تورط في استهلاك المخدرات أو ترويجها في الوسط المدرسي.

أسماء غريبة

وأقر العديد من تلاميذ المدارس، في تصريحات متطابقة لـ"العربية.نت"، بوجود قوي لظاهرة ترويج المخدرات في محيط الكثير من مؤسسات التعليم، وبأن التلاميذ باتوا يسمون أنواع المخدرات بمسميات مختلفة من أجل التمويه.

ومن بين الأسماء الغريبة التي يطلقونها على المخدرات: "الكالة"، و"الروزينة"، و"شكيليطة"، و"غريبة"، و"المشطة"، و"المعجون" الذي يخلق إحساسا بالرغبة في الانطلاق والضحك بلا حدود، زيادة على "بولة حمرا"، وهي حبوب الهلوسة التي تمنح شعورا مزيفا بالقوة والتفوق على الغير، وغيرها من الأصناف الأخرى التي تجد رواجا لافتا بالقرب من المدارس.

وتقول صفاء (12 عاما)، وتدرس في المستوى السابع من التعليم الإعدادي التأهيلي بإحدى المدارس في ضواحي العاصمة الرباط، إنها تشاهد بأم عينيها بعض تلامذة المستويات التعليمية الأخرى، وهم يستهلكون المخدرات رخيصة الثمن، خاصة قبيل ولوج الفصل الدراسي.

وتفسر هذه التلميذة سبب لجوء بعض التلاميذ المراهقين، من الجنسين معا، إلى التعاطي للمخدرات، خاصة تلك التي تمنح شعورا بالحيوية والضحك الهستيري، إلى رغبة البعض في إظهار جرأته وقوته أمام الآخرين، بينما يفضل البعض الهروب من مشاكله الأسرية أو الشخصية أيضا.

أسباب ومخاطر

ومن جهته، يحدد الباحث التربوي محمد الصدوقي أسباب تعاطي تلاميذ المدارس للمخدرات، ومن ضمنها المرحلة النمائية للمراهقة بضغوطاتها وحاجياتها الجديدة، مما يعرض شخصية المتعلم إلى فقدان التوازن، والضغوطات النفسية الكثيرة، وفقدان بوصلة التحكم في الذات، وتصاعد سلوكيات التمرد والعنف، خصوصا لدى المتعلمين المنتمين إلى فئات اجتماعية فقيرة وهشة.

وتابع الصدوقي في حديث مع "العربية.نت" أن تعاطي المخدرات من طرف التلاميذ في هذه المرحلة العمرية، يُعزى أساسا أيضا إلى الشعور بضعف الشخصية، والشعور بالدونية، ومصاحبة رفاق السوء والتغرير، وفضول التجريب.

ويسرد المتحدث أبرز مخاطر ترويج المخدرات في المدارس؛ مثل المخاطر النفسية والاجتماعية التي يمكن أن تتجلى في الاضطرابات النفسية التي قد تسببها المخدرات في شخصية التلميذ، منها فقدان التعقل والوعي، وعدم القدرة على التحكم في السلوكيات السوية والمقبولة اجتماعيا.

ويضيف الصدوقي أن التبعية النفسية للمخدرات تجعل التلميذ غير قادر على البناء الذاتي للخصائص والقدرات النفسية الإيجابية لشخصية قوية، كالثقة في النفس، والاستقلالية، والاعتماد على الكفاءات، كما أن التبعية للمخدر قد تدفع بالتلميذ المتعاطي إلى القيام بسلوكيات منحرفة، للحصول على المال الكافي لشراء المخدرات.

أما المخاطر التربوية، وفق الصدوقي، فتتجلى في سلوكيات الشغب والاستهتار واللامبالاة والتحرش داخل الفصول الدراسية، وعدم احترام الضوابط التربوية داخل المدرسة، ما يشوش على المناخ التربوي، وقد يهدد المستقبل الدراسي برمته للتلاميذ المتعاطين، نتيجة الرسوب المتكرر أو التصرفات المنحرفة.

حلول مقترحة

وبالنسبة للحلول المقترحة، أكد الأخصائي التربوي أنه من ضمن الحلول ذات التأثير الإيجابي: المواكبة النفسية والاجتماعية والمعرفية والقيمية، ذات الطابع التحسيسي والتربوي، للمتعلمين، ووضعهم تحت المراقبة المستمرة، سواء من طرف الأسرة أو المدرسة، وباقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية.

وشدد الصدوقي على أنه يجب توفير الأمن المدرسي من طرف الإدارة التربوية، ومصالح الدولة المختصة، خصوصا من خلال تغطية ومراقبة محيط المدرسة، وضبط المروجين وتقديمهم للعدالة.

واقترح المتحدث بأنه يمكن تكوين فريق مراقبة ويقظة مشكل من التلاميذ أنفسهم، وتبليغ الإدارة التربوية والإدارية للمؤسسات التعليمية بالمشتبه فيهم، من التلاميذ المتعاطين للمخدرات، وأيضا من المروجين الغرباء على  المدرسة.

 

الفئة: مقالات صحية | أضاف: bouamama (2012/12/22)
مشاهده: 1788 | علامات: مخدرات،التلاميذ،تلميذة،توعية،فرفوبي | الترتيب: 0.0/0
مجموع التعليقات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]